Tuesday, May 20, 2008

القداس اﻷسود..كماله

كتابه التاريخ -وبالذات تاريخ اﻷفكار- هى عمليه نقد مستمر أو هكذا يجب أن تكون..وليست ترتيب أحداث وأنتقاء بعضها..حدانا الموقف مختلف..لاأظن أنه تمت عمليه كتابه لتاريخنا بهذه الكيفيه منذ زمن طويل..بالتحديد من منتصف القرن الماضى..كتابه جديده بدأت بأصول المسأله المصريه لصبحى وحيده..ثم قام عدد من الماركسيين المصريين بمحاولة صياغه فهم مادى للتاريخ المصرى كما بدت فى كتابات شهدى وفوزى جرجس وصادق سعد..محاوله لم تلبث أن تحولت ألى أيقونات ديماجوجيه..بعدها حالة موت للتاريخ..لم تكسرها سوى محاولة د.خالد فهمى فى( كل رجال الباشا ) بأستعماله المنهج اﻷمبريقى (!)المهم عمنا جراى فى كتابه هذا والذى سبقه يقوم بنقد حاد لمفاهيم أنحدرت لنا من مغامرة عصر التنوير العقليه..مفاهيم مثل التقدم..والقدره على تغيير الحاله اﻷنسانيه بمعناها الواسع..ويرى أن تلك المفاهيم مجدوله بالرؤيه شبه الدينيه لنهايه العالم أو نهاية التاريخ كان لها آثار وخيمه على مجمل تاريخ القرن العشرين..التجربه الشيوعيه-الستالينيه..والنازيه مثلها..ولكنه يضم لها محاولات الصين وكوبا وغيرها من المجتمعات لقهر شعوبها تحت دعوى التقدم..والتمن الباهظ الذى دفعته تلك الشعوب فى خضم تلك التجارب العدميه..أخر تلك التجارب هو مايسميه "اﻷمبرياليه الليبراليه"..والتى تؤمن أن التقدم اﻷجتماعى لابد وبالتعريف وأن يؤدى الى شكل واحد من التنظيم اﻷجتماعى هى الشكل الليبرالى للمجتمع..وفى طبعه أكثر فجاجه هى الطبعه اﻷمريكيه للديموقراطيه الغربيه..هذا بالرغم من أن التاريخ غير غائى..مثله مثل التطور الطبيعى للأجناس كما أوضح داروين..عدم غائيه التاريخ تفتح الباب للقبول بأشكال مختلفه من الحكومات والتنظيمات اﻷجتماعيه غير المتشابهه..فى اللحظه الحاليه هناك..
China as a mix of nationalism and state capitalism..Iran is a popular theocracy..Russia Ultar- modern authoritarian state..Europe as amix of social democracy and neo-libral economy..USA free market with protectionism and corny capitalism..
تلك اﻷشكال المختلفه للحكم تؤدى وظيفه الدوله والتى يحددها بشكل واضح..الحكومه يجب وأن
Gard against anarchy,conquest by other states,an acceptable level of subsistence for the MAJORITY and a prospect of rising prosperity;institutions that Respect and Reflect the identities of those who are ruled...This is a minimum for a Good Government and to posses legitimacy in modern times..
الديوقراطيه الليبراليه هى أقرب تلك اﻷنظمه فى الحكم لتحقيق تلك المهام..ولكن هذا لايعنى أنتفاء الشرعيه ولاالكفاءه عن باقى أشكال الحكم..التى عددها صاحبنا بما فيها نظام الحكم اﻷيرانى..والذى يبدو وأنه سيكون الطبعه التى ستنتشر فى شرقنا اﻷوسط..
وهذا ينقلنى لنقطه أخرى..تحتاج وقفه مطوله
الكتاب كما قلت موجهه للمثقف الغربى..وكان على البحث بملقاط عما يهمنى شخصيا..
أظن أنه لايخفى على أحد التشابه لحد التطابق بين الخطاب الجهادى اﻷسلامى وبين خطاب اﻷداره اﻷمريكيه واليمين الجديد فى أمريكا..هذا التطابق ليس وليد صدفه..
فاﻷسلام السياسى الراديكالى مثله مثل كل الديانات السياسيه الحديثه (اليعقوبيه..البيشفيه..النازيه..واليمين المسيحى اﻷمريكى) هم جميعا نتاج خلطه بدأت بأفكار عصر التنوير..خلطه بها أفكار نهايه العالم الميثولوجيه بعد أنتزاعها من سياقها الدينى وتحويلها ألى برنامج سياسى..وفكره المدينه الفاضله التى تأتى فى أخر الزمان سواء كانت اﻷنسان الشيوعى الجديد أو اﻵرى..أو الديموقراطى على الطريقه اﻷمريكيه..وبمجرد أدراك ذلك التشابه يمكن على الفور القول بثقه أن اﻷسلام السياسى الراديكالى هو أحد نتاجات عصر التنوير اﻷوربى..
مفاجأه مش كده..أبدا..اﻷب الروحى للأسلام الراديكالى هو سيد قطب..قراءه متأنيه فى كتابات قطب تحيلك مباشره الى عدميه نيتشه التى أنتهى أليها فى كتاباته عما بعد الخير والشر..
وتلك نقطه فلسفيه هامه..تواجه ديانات التوحيد أشكالية تفسير الشر..زرادشت قفز فوقها حين أكد وجود قوى للشر بجانب الخير وتخيل المعركه اﻷخيره والتى لابد وأن تنتهى بأنتصار الخير للأبد(!) نبى أيرانى أخر هو مانى دعا الى ثنائيه العالم وهى رؤيه تقول بها عدة ديانات وفلسفات أخرى فى العالم..تسربت تلك الثنائيه الى المسيحيه الغربيه من خلال القديس أوغسطين الذى أكد على أنفصال مدينه اﻷنسان الناقصه ومدينه الرب الكامله..ربما بتأثير الفكر المانوى المنتشر أيامها عليه..
الفكر اﻷسلامى سواء الفلسفى أو اللاهوتى موقفه غير واضح هنا..رغم كتابات الجاحظ..وأقصى ماوصل له بالذات فى الطبعه الشعبيه المنتشره حاليا..أن الشر يأتى من عدم الطاعه..طاعه الله والرسول وأولى اﻷمر..
الطاعه هنا تنسحب على كافة مناحى الحياة..كيف تأكل ماذا تلبس كيف تضحك..المطلوب هو الطاعه الكامله العمياء..حتى لما يخالف العقل..تذكر فتوى أرضاع الكبير مثلا..
اﻷسلام السياسى الراديكالى يحمل تصور محدد جدا للمجتمع الفاضل..يتراوح بين مجتمع المدينه البدائى وخليط من أفكار الفارابى وأبن سينا فى طبعتهم الشعبيه..ويعتمد أعتماد كلى على العنف فى توجهه لتحقيق تلك الرؤيه..العنف المادى الجماعى..ضد الدوله الحديثه ورموزها من مدارس وتجمعات مدنيه..عنف
يتجللى حتى فى تخريب أشكال المجتمع المدنى الحديثه كما يفعل مثلا اﻷخوان فى النقابات المهنيه فى مصر
ورغم كل الطلاء اﻷسلامى من آيات وأحاديث منزوعه من سياقها التاريخى وحتى فهما اللغوى..فلا يمكن رد اﻷسلام الراديكالى المعاصر الى التقاليد اﻷسلاميه التاريخيه ..حتى فرق مثل الخوارج أو طائفة الحشاشين لم ينزعوا الى تحقيق المدينه الفاضله فى الدنيا..أقصى مافعلوه عقاب الحاكم الظالم سواء بالخروج عليه (الخوارج) أو بأغتياله (فدائى الحشاشين)..وظلوا مخلصين لفكره أن الفرد مسئول عن دخوله الجنه أو سقوطه فى جهنم..
خلق مجتمع فاضل هى فكره أوربيه تطورت عبر قرون..ووصلت ألينا وتبنتها بعض القوى الأجتماعيه-السياسيه ربما للتعبير عن حنقها عما يحدث اﻷن وفراغ صبرها..وبالذات من جراء الهجمه اﻷخيره للأمبرياليه الليبراليه...

9 comments:

أبوفارس said...

فاضى وماوريش حاجه غير النت..قلت أكتب وأخلص دماغى من الضغط..ﻷن الكتاب وماولده من تفكير عمل لى وش..
أرجو أن يكون مفهوم أنى أتحدث ف السياسه ولا أمس المقدس أيا كان..
تحياتى..
خالد أبو رجل مسلوخه

بنت القمر said...

الفكر اﻷسلامى سواء الفلسفى أو اللاهوتى موقفه غير واضح هنا..رغم كتابات الجاحظ..وأقصى ماوصل له بالذات فى الطبعه الشعبيه المنتشره حاليا..أن الشر يأتى من عدم الطاعه..طاعه الله والرسول وأولى اﻷمر..
الطاعه هنا تنسحب على كافة مناحى الحياة..كيف تأكل ماذا تلبس كيف تضحك..المطلوب هو الطاعه الكامله العمياء..حتى لما يخالف العقل..تذكر فتوى أرضاع الكبير مثلا..
***********************
ابو فارس
واضح اني ها اتعلم من حضرتك كتير التدوينه دسمه جدا
وبعض ما ورد فيها حقيقه لا علم لي به
ويحتاج مني الي بحث
وسوف ابدأفيه
وخصوصا الجزء بتاع الاسلام الراديكالي وجه اخر لليمين الامريكي الامبريالي
يا لهوي
دي جمله تحتاج لدراسه ودراسه وتعمق
مناقشات تملا صفحات جوجل وياهو وكل الشبكه العنكبوتيه الي اخرها
فرضيه مين اخد من مين
ومين سبق ومين تلا وبني علي الاخر
صعب جدا الحسم فيها
وان كنت تقصد من جهه اقصاء الاخر وعدم الاعتراف بيه
اذن فالبشريه تتجه من السيئ الي الاسوأ
:(
باعتبار الاسلام الراديكالي الذي قد لا نتفق علي تعريفه
سبق الامبرياليه الامريكيه
بخصوص الجزء اللي فوق المقتبس من كلام حضرتك
قعدت ادعبس شويه عن حريه التفكير ومقارنتها بفكرة الطاعه في الاسلام
وايهما اقوي
لقيت رابط لطيف
http://www.balagh.com/deen/w20tggb7.htm
بيتكلم عن الحريات الخمسه في الاسلام
لكن للاسف البعض قد يريد اختطاف الاسلام وصنفرته من هوامش الحريه المتاحه فيه
ليسهل عليه امتطاء الدين وتوجيه الناس وقولبه افكارهم
هو ده التفسير المنطقي
علي ما اعتقد
تحياتي وها ارجع اقرا وادعبس تاني

أبوفارس said...

والنبى يابنت القمر بلاش حضرتك دى خالد أو أبوفارس حلو أوى أوى
..بحس أنى مدرس لغه عربيه لما حد يقوللى حضرتك..
ياسيدتى ده ساره ومرام بناتى بيقولولى ياخالد
..أوكى..
متابعتك والله بتسعدنى جدا جدا..وبيسعدنى أن سيده مثلك -رغم أنشغالها- لها أهتمامات عامه وثقافيه..وبأفرح فعلا لما أنت أو أى صديقه أفتراضيه ع النت تثبتوا لى وللآخرين أن بناتنا زى الفل..
حلو
..(
أنا أعرض الكتاب واﻷفكار المرتبطه به حتى اﻷن..وأتحدث عن اﻷسلام السياسى الراديكالى كحركه سياسيه..ولاأتحدث عن اﻷسلام أو المسيحيه كأديان مقدسه..هذا فارق مهم جدا..ﻷنى مسلم وبأخد اﻷسلام كدين كله على بعضه كده ولاأدقق كتيرا فى ذلك..اﻷسلام السياسى كحركه سياسيه وضع مختلف..تخضع للنقد واﻷعتراض والهدم والردح وكافه شئ..ﻷنها سياسه..وليست مقدس..الخلط الذى يمارسه اﻷسلامو-دموين ومحاولة منع أى نقد لما يقولوه ف السياسه بحجه "أعترض على كلام ربنا بقى" لاتهمنى بنكله ولاأخاف أن أعترض على موقف سياسى ولو مبنى على تفسير -صح أو غلط- ﻵيه أو حديث..
..فكرة الطاعه العمياء دى فكره
فاشيه ولا جدال..السمع والطاعه..عدم النقاش ألغاء العقل..
الشيعه عندهم اﻷمام المعصوم..والسنه طلع لهم ألف أمير وأمير معصوم..والويل والثبوز لو قلت أنا أختلف..وهذا ماأختلف معه ١٠٠% ولايهمنى أن يتهمنى أحد بالمروق حتى..ﻷنى أعلم أفضل من ذلك...طولت ولكن الكلام حول الكتاب لم ينتهى..أشكرك ع اللينك..تحياتى وأحترامى..خالد

ابو احمد said...

خالد صديقى العزيز
انا مش فى مود يخلينى اهضم الاشياء الدسمه
اللى انت توهتنى فيها انت عاوز روقه
دخلونا فى زوارق كتير وحواديت كتير
من اول توفلر
لحد يوكاهاما
والواحد شويه يتجه للعبث وشويه للامعقول وللحداثه وما بعد الحداثه
وارجع الاقى الواقع عمال يتنيل والناس عماله تصرخ والحكومه محتاسه زى اللى صحى من النوم لقلى السفينه بتغرق او البيت بيتهد
فاكر ياخالد المقولات الاساسيه للجدل
مش عارف كل ماأتوه وافكر فيها الاقى انها الشئ
الواضح
اللى عقلى مرتاحله
لا الراديكاليه الاسلاميه ولا الراديكاليه المهلبيه بتاعه بوش
المهم انا شايف ياخالد ان الأصوليات على مختلف منابعها الفكريه هى التى تحكم العالم وتدير الصراعات فيه اليوم
وهى ده اللى مش عارف هيودينا على فين
انا سمعت رأى كان عاجبنى ومازال هو اننا يجب ان نرد على العولمه الفاشيه اللى مفروضه علينا بعولمه شعبيه رافضه لكل اشكال الهيمنه والاستغلال
بس ازاى تتحقق مش عارف


انا بخرف باين



اعذرنى تحياتى

أبوفارس said...

على فكره يامجدى الواقع فعلا ملخبط خالص..والعقود القليله القادمه أخر عك..وعلى صغر حجم الكتاب ألا أنه تلخيص لتيار فكرى هام فى الغرب..ولأن الغرب لازال وحتى أشعار آخر هو الفاعل اﻷساسى..وأحنا حالتنا تزداد سؤا بشكل لاأصدقه..فعلينا أن نحاول فهم مايقولوه..على فكره..بعد السنين دى كلها لازال المنهج الماركسى هو اﻷفضل وهو اﻷدق فى فهم ووصف وتحليل المجتمع الرأسمالى..جراى رغم أنه يمينى فاقع..يعترف أن أفضل من فهم النظام الرأسمالى هو ماركس..وفهم سرطانيه الرأسماليه وتغلغلها فى كافه مناحى الحياه الماديه والمعنويه..وأستطاع التنبأ بظواهر مثل اﻷحتكار والشركات عابره الجنسيه وحتى العولمه..وأنا زيك لما الحكايه تضلم أرجع للأساسيات..بس أنا وأنت أفراد..البلد -مصر يعنى وهى مايهمنى-فعلا تتفكك على كل المستويات..صدمه العقود القادمه اﻷغلب ستطيح بنا..ﻷنه مافيش حاجه واحده صح ف البلد..فيه واحد أستفتى ماأعرفش أسلام أون لين والا مين بالضبط..هو ربنا مابيبعتش طير أبابيل ليه تخلصنا من أسرائيل..وحياة أولادى وأولادك ضحكت حتى دمعت عيناى..اﻷطرف هى اﻷجابه..ولاحول ولا قوة ألا بالله...أسف أنى وجعت لك دماغك..بس حاأعمل أيه دماغى موجوعه بشكل مستمر اليومين دول..تحياتى ياصديق العمر..وخالص مودتى...خالد

ابو احمد said...

كتبت تعليق وملقتوش
انت فين البوست الجديد شلته ليه

The Z. said...

انضم لأبو احمد في السؤال عن البوست الذي كتبته عن رواية ساراماجو...على فكرة انا استعرت روايته الجديدة و كنت اريد لو نقرأها سويا و نرى مفتاحها فين هذه المرة..من عنوانها الظاهر انه سيخوض نفس التجربة لكن من منطلق الإبصار و ليس العمى...ارجو ان يكون حدسي خاطئا و ان تكون الرواية اعقد و امتع...

Eman Yasser said...
This comment has been removed by the author.
قبل الطوفان said...

المشكلة أن كتابة التاريخ عندنا تعرضت لأهواء وأمزجة، واختلط فيها الهواة بالمحترفين، وخضع كثيرون للسلطةوالحاكم، فجاءت كتابة تاريخنا مشوهة مثل طلقة رصاص عشوائية، لا تصيب هدفا ولا تحقق نفعا

لكن ما استوقفني حقاهو حديثك عن السمع والطاعة.. بالفعل، هناك من يسيء استغلال أي مفهوم أو مبدأ فكري لأغراض دينية أو حتى شخصية. السمع والطاعة لا يعني إلغاء العقل أو إعمال التفكير، وصولاً إلى الاقتناع..وربما كان النقاش الموضوعي دون صراخ بعيداً عن احتكار الحقيقة، هو أبرز ما ينقصنا كي نتمكن من كتابة التاريخ وقراءة الحاضر بصورة أفضل