Sunday, August 19, 2007

نوستالجيا-٢

شخصيا هزيمه ٦٧ هى اللحظه التى بدأت أعى فيها ماحولى ماقبل هى ذكريات طفوله خطب الريس أغانى الثوره عيد الطفوله الوعى الحقيقي بدأ برؤيه الطيران اﻷسرائيلى يدق قاعده ألماظه.
.وأظن أن جيلنا كله أستيقظ على هذا الفعل..جيلنا هذا هم مواليد الخمسينيات من كانوا فى الجامعه فى السبعينيات ويخطر معظمهم حول الخمسين اﻷن..قمه العطاء والنضج مفروض أنهم قاده المجتمع اﻷن وأنهم يطبقوا رؤيتهم للعالم والمستقبل وبشكل أو بأخر يؤهلوا الجيل التالى لتسلم القياده واﻷستمرار
أنا ومعظم هذا الجيل لم نشارك فى حرب اﻷستنزاف ولا أكتوبر ٧٣ ولكنى شاهدت أبناء عمومتى وجيرانى وأخوه أصدقائى اﻷكبر سنا يذهبون للجبهه..ربما فى يوليو ٦٧ تم تجنيد أبن عمتى "رأفت" خريج كليه تربيه وكان اﻷول فى طابور طويل..جاء لمنزلنا وأشتكى ﻷبى من المعامله فى مركز التجنيد "ياخال لو غنم حايعاملونا أحسن؟؟
وظل منزلنا فى مصر الجديده مركز أستقبال ﻷبناء العم والبلديات ممن نعرفهم أو لانعرفهم ولكنهم بلديات أبى الشرقاوى وهم فى طريقهم لمركز التجنيد فى الزيتون..أو مكان للنوم ساعات قليله بعيدا عن معسكرات وثكنات الجيش حول القاهره وطريق السويس عندما أشتدت غارات العمق وحرب اﻷستنزاف..يحكوا لنا عن الخسائر والشهداء..ضرب المعسكرات..التدريب..الخبراء الروس الذين يرهقوهم ..
أذكر منهم أحد أبناء عمومتى "فيصل" خريج تجاره وألقت به المقادير فى وحده لفك اﻷلغام والقنابل والصواريخ التى لاتنفجر وخاصه حين أشتدت الغارات على الجبهه أثناء بناء حائط الصواريخ..
عادل" خريج معهد البترول كان يتدرب أيامها على صواريخ سام ٦ وفى أكتوبر كانت كتيبته تحمى معبر الفرقه الثانيه مشاه تحت قياده الجنرال "أبوسعده
.عمى "لطفى" ضابط جوازات وجنسيه فى ميناء السويس هجًر عائلته الصغيره الى قريتنا فى الشرقيه بعد ضرب الزيتيه وبقى بالسويس ﻷشهر بعدها ونجا من الموت بأعجوبه هو وزميل له حين أنفجرت دانه مدفع على أحد أرصفه الميناء القى بهم اﻷنفجار أمتارا فى الهواء ولكن وبقدره قادر كما قال بعدها "كل شظايا القنبله أخطاءتنا
من جيراننا وصديق للوالد كان "عباس حافظ" أحد الضباط اﻷحرار شارك فى حرب ٤٨ و٥٦
ولُديه "وائل"و"وسام" كانا فى كوماندوز البحريه..كانت أمى تدعو لهما بالسلامه كلما ألتقت أمهما..كنا نعرف أنهما يشاركان فى غارات العمق..بعد سنوات عرفت أن "وسام" اﻷخ اﻷكبر شارك فى الهجوم على "أيلات" وفقد هناك أعز
أصدقائه.
وأخرين..لم يخلوا بيت فى مصر من مجند أو ضابط على الجبهه أو فى طريقه أليها..
كنت فى مدرسه الطبري بالقرب من منزل "عبد الناصر" وفى هذا اليوم من "سبتمبر" سمعنا موكبه وهو يدخل ويخرج عده مرات من مقره ويرتبك المرور كل مره..
ليلتها مات..
وشاهدت جنازته الهائله من شرفه منزل جدتى ﻷمى فى العباسيه والكل يبكى..
بعدها بشهور كانت مظاهرات الطلبه فى هندسه عين شمس وجامعه القاهره تطالب بالحرب..عرفت أخبارها من أحد جيراننا "عبدالله" طالب هندسه عين شمس اﻷبدى بقى بها سبعه سنوات بدلا من خمس لتكرر أعتقاله وأعجابه ببعض المواد كما كان يقول..
حين كنت أستعد لدخول الجامعه أنفجرت "حرب أكتوبر".
.تطوعت فى الدفاع المدنى ككل من هم فى سنى ندور فى الشوارع نتأكد من أطفاء اﻷنوار ونسهر كل ليله تحسبا لغاره تهدم المنازل..
ثم تطوعت لحمل السلاح..
دوره تدريبيه سريعه على بنادق من الحرب العالميه الثانيه وقالوا لنا أن نكون مستعدين للأشتباك مع العدو فى الشوارع لو وصل القاهره..
شاهدت بعض الجنود الجزائرين يتحركوا على طريق السويس بملامحهم الجاده وملابس ميدانهم المختلفه وهللنا لهم..
رغم كل الزن اﻷعلامى عن حرب أكتوبر كان هناك شئ ما عنها لم نستسغه..حرب أكتوبر كانت بدايه تغيرات كثيره ومتعاقبه سريعه ومربكه كان على شخصيا ومعظم هذا الجيل أن "يتوافق" معها...

Friday, August 10, 2007

نوستالجيا..-١.

بالرغم من الأرتجال والتخبط..وتغيير الخطه من هجوم لدفاع ..وكثافه تحرك الوحدات..وتوهان بعضها فى الصحراء
عشيه ٥ يونيه ١٩٦٧ كانت القوات المصريه فى سيناء تتكون من خمس فرق مشاه ..الفرقه السابعه مشاه مدعومه بالمدرعات والمدافع تتمركز فى المنطقه بين رفح والعريش..الفرقه التامنه مشاه مركزها أبوعجيله والقسيمه..خلفهما وفى نسق دفاعى تانى تنتشر الفرقه التانيه مشاه مابين جبل لنبى وبير حسنه..وفى الجنوب عند طريق الحجاج أنتشرت الفرقه السادسه مشاه ومركزها الكونتيلا ونخل..الفرقه العشرون مكونه من جنود فلسطينين وضباط مصريون تتركز فى قطاع غزه أبتداء من شمال خان يونس...
لفرقه المدرعه الرابعه -دره الجيش المصرى-كانت وراء المواقع المتقدمه لفرق المشاه تنتشر بين بير جفجافه وبير ثماده للتعامل مع أى قوات معاديه تخترق الخطين الأول والتانى من خطوط الدفاع..
فيما بين الطريق الجنوبى وطريق الجاج..كانت تنتشر قوه مدرعه من مائتى دبابه -أقل من فرقه- وتسمى على أسم قائدها "قوه الشاذلى".. أما الفرقه الثالثه المدرعه -تحت اﻷنشاء- فبقيت غرب القناه..
أجمالى حوالى مائه ألف جندى..
٥يونيو ٩,٣٠صباحا
اﻷوامر للجنرال "صدقى الغول" قائد الفرقه الرابعه المدرعه بالتحرك للدفاع عن القطاع الجنوبى من الجبهه..
اللواء التانى المدرع بقياده الجنرال"كمال حسن على" يتحرك للشرق ويحتل المواقع من الكونتيلا الى المظلات..
٥ يونيو بعد الضهر
الهجوم اﻷسرائيلى جاء من الشمال وليس بالمواجهه كما كان متوقع..
اﻷوامر تصدر للجنرال"على" بسحب اللواء التانى من الفرقه الرابعه المدرعه من مواقعه فى الكونتيلا..اللواء يقضى باقى التهار ومعظم الليل فى أنسحاب منظم ويفقد ثلاث دبابات فقط..
٦يونيو صباحا
الجنرال "الغول" يتسلم امرا باﻷنسحاب بفرقته الرابعه المدرعه الى الخط التانى والتشبث بالممرات.
فجر ٧يونيو
اﻷوامر تصل الجنرال "الغول" تليفونيا من الجنرال" صالح محسن" قائد الجيش ..
"الفرقه الرابعه تنسحب لغرب القناه.. على أن يبدء اﻷنسحاب فى الضهر "
"يافندم الفرقه عمليا سليمه..أنسحب ليه..؟؟وأنسحب الضهر فى عين الشمس..طب أزاى..؟؟كأنى بأقول للأسرائيلين "خلصوا عليا..حيصطادوا الدبابات
"دى أوامر سياده المشير..يمكن محضرلك غطاء جوى.."
"يافندم ..أرجوك..راجع حضرتك سياده المشير..العدو عنده سيطره جويه كامله..لو لابد ننسحب خليها بعد أخر ضوء
"نفذ اﻷوامر ياحضره اللواء
٧يونيو..عند الغروب
نقطه العبور جنوب البحيرات المره..الفرقه الرابعه أتمت أنسحابها من الممرات وتعبر القناه ..تم توزيع وحدات الفرقه بواسطه ضباط اﻷتصال عند العبور..بعض الوحدات تم أرسالها الى اﻷسماعيليه والبعض للقاهره..اللواء التانى أرسل ليعسكر فى حدائق قصر الطاهره بالقبه..
الجنرال "الغول" توجه للتمام فى القياده باﻷسماعيليه..حيث وجد الجنرال "صالح محسن على" التليفون.
لا..لأ..يافندم, الفرقه الرابعه مانسحبتش..دى مجرد وحدات خفيفه اللى وصلت..لا يافندم الفرقه لسه ف الممرات..تمام يافندم..الفرقه لسه محتله الممرات
الجنرال "محسن" يضع السماعه ويلتفت للجنرال"الغول"ويبادره
"أنت ايه اللى جابك هنا؟؟"
"حضرتك يافندم..حضرتك أستدعتنى..حضرتك قلت لى أنسحب..وأن دى أوامر سياده المشير.."
. "اﻷوامر أتغيرت.."
"أتغيرت..؟؟أتغيرت أمتى..؟؟وأزاى ماحدش يقوللى..؟؟"
"أسمع ياسياده اللواء..أرجع..أرجع حالاااا"
"أرجع..؟؟أرجع فين..؟؟"
"أرجع الممرات.."
فقد الجنرال "الغول" أعصابه وصاح مشوحا بيديه..
"الممرات..؟؟أرجع الممرات..؟؟ أنت فاكرنى راكب بسكلته ألف وأدور بيها..؟؟دى فرقه مدرعه يافندم..ظباطك بعزقوها أشى على أسماعيليه وأشى ع الطاهره..أنت فاكر نقدر نتدور ونرجع..أحنا ع الجنزير بقالنا تلات أيام..فين التموين والوقود واﻷهم فين الغطا الجوى..أحنا ماعندناش وقود
"ياسياده اللواء هى دى اﻷوامر..نفذ..!!أنا بأقولك أرجع الممرات..روح نفذ اﻷمر.."
الساعه ٢ صباح الخميس ٨ يونيو ١٩٦٧
البحيرات المره
عربات الوقود وصلت..أعاد الجنود تموين دبابات الفرقه الرابعه المدرعه المتجمعه جنوب البحيرات المره..
الساعه ٤ صباحا
الفرقه تعبر عائده للمرات..وتقابل فى طريق عودتها أعداد هائله من الجنود يجرون أنفسهم فى أعياء..فى اﻷتجاه المعاكس..غربا فى أتجاه القناه..يعانون من العطش الجروح والحروق واﻷرهاق..
الساعه السابعه صباحا
الفرقه تدخل المعركه محاوله الوصول للممرات..بدون غطاء جوى..تم تدمير كل دبابات الفرقه..كان طياروى العدو يطيرون على أرتفاع
شديد اﻷنخفاض حتى أن بعض الجنود أقسموا أنهم شاهدوهم يضحكون.
القتل.. كان يتم بصاروخ لكل دبابه تتبعه دفعه نابلم للقضاء على الطاقم..اﻷتصال مستحيل مع القياده فى اﻷسماعيليه أو السويس..ومركز القياده الرئيسى فى القاهره يبدو وكأنه أغلق أبوابه..
تم محو الفرقه الرابعه المدرعه..
*******************************************************
صباح اﻷثنين ٥ يونيو ١٩٦٧ وقفت على سطح عمارتنا "الشاهقه"فى مصر الجديده ..
صبى صغير أمسك فى يد أمى أشاهد أعمده الدخان تتصاعد من قاعده ألماظه الجويه ومطار القاهره الدولى..
أوحت خيالات الصبا لى أنى شاهدت طائرات العدو وهى تقصف المطار بل أقسمت ﻷبى حين عاد من العمل يومها أنى شاهدت طائره أو أكثر تسقط..
بعدها بأيام سمعت أمى تبكى ورأيت أبى حزين وهم يستمعوا للأخبار..قواتنا فى خط الدفاع التانى..!!
أطل "عبد الناصر" يعلن تنحيه..صرخت أمى وهرع أبى خارج المنزل وبكيت مع أختى الصغيره..شئ بشع حدث ولاأفهمه..
أمتلئ شارعنا الهادى بعده دبابات وحاملاتها وجنود فى ملابس الميدان..تكفلت نساء الشارع بأطعامهم..
كانت أمى تطبخ لهم وهى تبكى..وأنزل أحمل لهم الطعام فيأخذوه ويشكرونا..
أبى كان ينزل لهم بعلبه سجائره البلمونت وبراد شاى أسود تقيل وعده أكواب عند الغروب..
وأنضم له جيراننا..اﻷستاذ أبو النجا وعم لويس والحاج عبد العال صاحب العماره..المشهد كله كان صامت لاكلام ولاضحك..حتى أبى صاحب الضحكه المجلجله كان صامتا..
خالتى أتصلت بأمى لتخبرها أن أخاهم اﻷصغر لم يعد للبيت منذ ٩يونيو..
بعدها بأيام جاء لمنزلنا..فهمت أنه كان يدور فى شوارع ومقاهى القاهره..لايستطيع النوم ولاالعوده لمنزل أخته حيث يقيم
"حاسس أن النار ماسكه ف هدومى" هكذا وصف حاله..
حكى لى اﻷخوان التؤام جيراننا أن أخاهم اﻷكبر ضابط الدفاع الجوى جاء بعد الهزيمه بأسابيع..هرب من معسكر اﻷعتقال فى سيناء ومشى حتى القناه يدله البدو على الطريق..
علمت من أبى أن أحد أبناء عمومتى لم يعد ولم يعد أيضا عدد من شباب قريتنا الصغيره فى الشرقيه..وأنه تم تجنيد أبن عمتى خريج كليه التربيه "رأفت"
ولكن تلك حكايه أخرى...

Sunday, August 05, 2007

النيل تاااااانى

حذر تقرير لمركز بحوث المياه من أن مصر مقبلة علي مجاعة مائية بحلول عام 2025...
.وأكد التقرير أن 60% من الاراضي الزراعية لن تتوافر لها مياه الري بسبب محدودية الموارد المائية وعدم وجود خطة واضحة لتوفير مصادر بديلة في ظل تزايد الاحتياجات من المياه.
وقال إن غياب الادارة السلمية للموارد المائية وتدهور شبكات الري والصرف وتلوث المياه وتدهور نوعيتها سبب مباشر في ندرة الموارد وتناقصها بشكل ينذر بحدوث كارثة في ظل التزايد السكاني حيث من المتوقع أن يصل عدد السكان الي 100 مليون نسمة.
وأشار إى انه مع تزايد الرقعة الزراعية المستصلحة حوالي مليون فدان حيث يكون من المستحيل توفير الحد الادني لحصول كل فرد علي نصيبه من المياه والتي تقدر حسب التقديرات الدولية 2000 متر مكعبوأكد التقرير ان نصيب الفرد من المياه في مصر الان 900 متر مكعب في العام
وأضاف التقرير ان سياسة الدولة لاستصلاح 3 ملايين فدان بحلول عام 2017 لن يتحقق منها شيء في ظل الاعتماد علي مصادر المياه من نهر النيل وعدم وجود خطة سليمة لاستغلال الخزان الجوفي الموجود جنوب مصر
وأن التلوث الكبير الذي يتعرض له نهر النيل سيكون أحد المسببات لتناقص المياه خاصة في ظل عدم وجود الاجراءات الرادعة التي تمنع التعامل مع النهر بهذا الشكل الذي يهدر ما يزيد علي 30% من المياه بسبب كارثة التلوث
أؤمن أن النيل هو شريان الحياه اﻷساسى بل عله الوحيد فى مصر ...
فى "شخصيه مصر "للدكتور جمال حمدان دراسه شامله عميقه عن أهميه نهر النيل ..
ببساطه لولا نهر النيل ومروره فيما يسمى اﻷن مصر لكانت صحراء جرداء تنعدم الحياه فيها كلها عدا هامش فقير على المتوسط أفقر من ساحل ليبيا..
وأؤمن بأنه لولا المصريين ماكانت مصر..فمصر هبه المصريين -وعملهم- وليست هبه النيل..
سيبك من التاريخ القديم..منذ ٢٠٠ سنه بالتمام بدأت مصر نهضتها مع "محمد على"..وأخذ التاريخ وكفاح المصريين مسار رغم تعرجه ورغم أنتكساته ألا أنه فى مجمله صاعد..اﻷن وفى هذه اللحظه وفى حياه هذا الجيل ومش بعد مائه عام ولايحزنون..نواجه خطر اﻷنهيار الشامل..صرخه بعد صرخه و تحذير بعد تحذير..نحن نواجه كارثه حقيقيه..ولاحياه لمن تنادى..كلنا مسئول عما يحدث..المقيمين والمغتربين..من بقى ومن فر حكومه وشعب نظام ومعارضه..أؤمن أيضا أننا باقون مابقيت حياه على هذا الكوكب ولكن التمن التاريخى واجب الدفع سيكون فادح..فى سنوات قليله مفروض أن نضل الى مائه مليون فى وادى أقصى
طاقه أستيعابيه له ربع هذا العدد
ولله اﻷمر