Tuesday, February 05, 2008

ولاتنس دعاء السفر

رغم كل تلك السنين وكل تلك السفريات..كل تلك الطائرات التى ركبتها وتلك المطارات التى مررت من بوابتها..البلاد والقارات التى عبرتها
..لازلت أتوتر قبل السفر
..أحس بحراره فى جسمى وغصه فى حلقى..خفقان فى القلب..وفراشات ترفرف فى معدتى -كما يقولون باﻷنجليزيه- توتر الوتر فى القوس قبل أنطلاق السهم..ماأن أضع حقائبى -كانت واحده شبه خاليه تلك المره- على سير المطار وأستلم البوردنج كارت..تعترينى سكينه وهدوء أشبه بسكينه الصوفى..فقد أنجزت الجزء المطلوب منى..وجئت فى موعدى
..أسلم نفسى لماكينه عملاقه متعدده التروس رشيقه متناهيه الدقه لتحملنى من هنا إلى هناك
..فى رحلتى هذه من أوتاوا إلى القاهره..كنت على شركه الطيران اليونانيه..من أوتاوا إالى مونتريال بأتوبيس فاخر..الرحله ساعه ونصف
من مطار "بيير ترودو" فى مونتريال إلى أثينا..واحده من أحب مدن الدنيا إلى قلبى..عشر ساعات..قضيتها نائما
وأنا مابين النوم واليقظه وفيما يشبه الحلم كنت أفكر كيف أنى أسلمت نفسى لتروس تلك اﻵله العملاقه
ماحجم المجهود البشرى الخارق الذى سخر لنا هذا السفر..كل خطوه ورائها عشرات بل ألوف البشر يعملون ويكدحون..عقول عبقريه صممت وصنعت الطائره تراكم معرفى ﻷجيال أفنت حياتها جيل وراء جيل فى محاوله للوصول
إلى الكمال..مطارات أبراج مراقبه أرضيه محطات توجيه
دقه متناهيه فى التنفيذ..عشرات بل مئات الطائرات تعبر اﻷطلنطى كل يوم..فى كل لحظه تتقاطع خطوط السفر..لاهذا مدرك لذلك ولاذلك سابق لهذا..سيمفونيه محكمه من الحركه..الجمال الرياضى والكمال فى اﻷداء
..نزلت فى مطار أتينا فى التامنه صباحا بالتوقيت المحلى ليستلمنى ترس آخر فى الماكينه
كونتر اﻷوليمبيك يعطينى أقامه فى فندق بأتينا ومعه وجبتى طعام..تكفل الباسبور الكندى بحصولى على تأشيره دخول ﻷوربا فى ثوان..خرجت من المطار وتركت خلفى حمله الباسبورات المصريه واللبنانيه وحتى السعوديه ليتمددوا على كراسى المطار الغير مريحه ١٨ ساعه هى وقت أنتظار رحلات الشرق اﻷوسط
..فهناك باسبورات تدخلك الجنه..وأخرى تلقى بك الى الجحيم
ماأن وصلت الفندق ألتهمت وجبه الغداء مبكرا..وسألت الفتاه اليونانيه فائقه الجمال فى "الفرنت ديسك "كيف أصل لقلب أتينا؟؟
المترو أفضل وسيله..تاخد رقم ٥ من هنا أول محطه حتى أخر محطه فى رحله ممتعه حوالى ٤٠-٤٥ دقيقه لميدان الدستور..تشاهد الساحل كله وتستمتع بالمناظر..
آآآآآآآآه
ميدان الدستور والبلاكا تحت ظلال اﻷكروبوليس
..سقاكم الغيث آذا الغيث هما
..ياللذكريات
..الحب والجمال..فوره الشباب وعطش الجسد..اليقين واﻷمل
العمر الممتد بلا نهايه
آآآآآآآآآه
لم أذهب إلى اﻷكروبولوس..زرته عدة مرات
أرغب فى المشى بالشوارع المحيطه بالميدان العتيق حاوى قبر الجندى المجهول ومبنى البرلمان..كنت هنا من قبل..شاهدت تغير الحرس وأطعمت الحمام السارح حوله..أرتشفت القهوه هنا..لاتخطئ وتقول قهوه تركى أسمها هنا قهوه جريجى..وألا
كنت أود العب من روائح الذكريات..تركت الميدان خلفى وبدأت السير فى شوارع أعرفها معرفتى بشوارع مصر الجديده..اليوم اﻷحد المحال والبوتيكات مغلقه..أستمريت فى السير
وصلت البلاكا..الحى القديم..المنشيه فى اﻷسكندريه..أو الحسين فى القاهره سان ميشيل فى باريس..أو الميناء فى برشلونه..سوهو فى لندن..أو سانت كاترين فى مونتريال
الزحام..الوجوه المبتسمه والمٌتعبه..الروائح..الشواء والعطور والقهوه الطازجه
..الزحام ثانيه
البشر هم روح المكان أى مكان..هم خالقوا الجمال وهم من يتذوقه..والشوارع كانت ممتلئه بالبشر فى بعد ظهر يوم اﻷحد الشتوى المنعش الجميل
..جلست على مقهى ومددت قدمى أريحها..سألنى شاب أسمر باليونانيه
..هززت رأسى وأجبت باﻷنجليزيه قهوه قويه..سألنى من أين قلت مصرى
..أجابنى باللهجه الفلسطينيه
..مراحب..
أحضر القهوه ومطفأه للسجائر..تحسست جيوبى..اللعنه نسيت سجائرى بالفندق..عاد بعلبته ووضعها أمامى..سحبت واحده وأنا أتذكر ماكان يقوله أبى "من يخاف الكرم ..بخيل
وقف بجوارى تجاذبنا أطراف الحديث..وكان يجب أن أحلف عليه ليأخذ تمن القهوه..وأصًر على أن أحتفظ بسيجارتان لزوم الدماغ كما قال مبتسما
..يامراحب
مصريون يعملون فى المقاهى والمحال رأيتهم فى كل مدن أوربا..من نيقوسيا ﻷمستردام
..أشتريت مسبحتان واحده سوداء وأخرى بنيه..وعقد بسيط لساره أبنتى..وأحتفظت ببعض العملات المعدنيه لفارس أبنى
درت فى الشوارع
..فندق ألكترا..فندق اﻷولمب..أين أنت..؟؟
هاهو ذا لازال هناك دخلت نفس المدخل كما هو..أصابنى دوار بسيط وتنميل..وخرجت قبل أن أغرق فى تسونامى الذكريات
ركبت الترام عائدا للفندق..وأنا أتأمل المدينه وهى تستعد للنوم..وتتأهب ﻷسبوع عمل جاد.
.جالست مجموعه من اللبنانين فى كافتيريا الفندق منتظرين أتوبيس اﻷوليمبيك يحملنا للمطار..كانوا خلطه لامحل لها من اﻷعراب..شيعى ودرزى..مارونى وروم أرثوذكس..سنى وكاثوليك.
.وأنا
وطبعا تكلمنا فى السياسه وطبعا أختلفنا وطبعا تصايحنا على بعضنا البعض وطبعا سألونى عن أخر نكته سمعتها..وطبعا أتحفتهم بأخر ماأخرجته الغرز المصريه..وطبعا ضجوا بالضحك..
جاء اﻷتوبيس..وصلنا المطار..أحتضنا بعضنا البعض وتباوسنا ودعونا لبعضنا البعض بسلامه الوصول..وحًملنا بعضنا البعض السلامات ﻷهل وأصدقاء لم نرهم ولانعرفهم.
.وأسلمت نفسى لترس آخر فى الماكينه العملاقه ليحملنى ألى القاهره
..أسما وفعلا

11 comments:

أبوفارس said...

أهداء إلى أبنتى "مرام"..وصديق العمر "مجدى"..تحياتى..وخالص مودتى..خالد

عمرو عزت said...

اسمتعت بتفاصيل رحلتك .

أنت أخيرا في القاهرة ؟
هي فرصة إذن لنلتقى .

egy anatomist said...

الله

يا لمتعة القراءة

..

أعشق أنا أوتاوا رغم مللها الظاهري

لم أحب موريال كثيرا رغم صخبها

..

يقضى البعض حياته على متن ماكينة طائرة ضخمة حتى ليظن أنه سيموت فيها!! وربما يلقى وقتها من بطنها توفيرا لمشقة حمله حتى مثوى أخر يضمه!!

عذرا للتشبيه السخيف

أخشى مثلك ركوب الهواء رغم اعتيادي عليه أكثر من ركوب الأرض

..

تحياتي واحترامي

ابو احمد said...

والله ياخالد
لسه عبق زيارتك موجود ولسه كنا انا وطارق بنجيب فى سيرتك وبنقطع فى فروتك
شكرا على الاهداء
وحمد الله عالسلامه
على فكره ترجمه القصيده بتدى نفس المعانى وان معلش اكره الانتظار مع انه يفرض علينا كثيرا

أبوفارس said...

عمرو أهلا بك
للأسف أنا عدت فعلا إلى أوتاوا..زيارتى كانت قصيره سريعه مرهقه وممتعه..ولكنى أنوى العوده فى أغسطس أن شاء الرحمن..وفعلا أرغب فى لقاءك والتعرف عليك ربما نستطيع ترتيب لقاء للحديث والتعارف..
سعيد بحضورك..
تحياتى وأحتراماتى..خالد
***********
egy anatomist
هو ليس بخوف بقدر ماهو تشوق للسفر والحركه..أعشق التنقل والترحال بشكل مرضى..وأعشق التعلم من خلال المشاهده والمعايشه..فيروس ألتقطته منذ سفرتى اﻷولى وأنا فى السابعه عشر ﻷنجلترا..رغم أنى قضيت معظم الوقت أغسل الصحون فى مطعم..ألا أنها كانت تجربه لاتٌنسى..
تحياتى وصادق مودتى..خالد
************
مجدى ياأعز اﻷصدقاء..وأنا بأقول أنا شرقت ليه..!!أنت وطارق جايبين سيرتى..بالخير على الله..ولو أنى أكاد أخمن عما كنتم تتحدثون..لسه تراب القاهره عالق بثيابى..وسعادتى بلقائى معكم يغمرنى..تحياتى ياصديق العمر..خالد

The Z. said...

في انتظار تفاصيل الإقامة في القاهرة، التي أحاول ان ازورها من سنين لكن الوقت لا يسعف للأسف...و اشكرك من كل قلبي لسؤالك عن اهلي ، امر متوقع من صديق و والد كحضرتك

تحياتي و مودتي
زكرياء

ابو احمد said...

مبروك لمصر ياخالد

مواطن مصرى نايم said...

السلام عليكم

لو سمحت لك رد منى على احد التعليقات على مدونة
دوحة

ارجو الذهاب للقراءتة
ولك منى جزيل الشكر

ومدونتك جميلة ولها جانب اخر من الاتجاهات
ارجو زيارة مدونتى

مواطن مصرى نايم said...

اذا لم تكن تحتفظ بعنوان مدونة دوحة
فها هو
http://mohammedschool.blogspot.com/

حواء said...

ابو فارس ما احلى زكريات السفر وكل البلدان اللى بتزورها انا بحب اتينا جدا من السمع طبعا انا عمرى مازرتها ولا زرت اى بلد خارج مصر بس فى بلدان تحب تزورها ومنها اتينا واسطنبول و ... طبعا دعاء السفر ده مهم جدا ربنا يسلم كل مسافر وعائد .. تحياتى

Alexandrian far away said...

مساء الأنوار
قطعة جميلة وممتعة من الكتابه
ولا اروع في هذه الحياه من السفر والتنقل
أتمنى أن تكون مستمتعا برحلتك للقاهره
ولعل الحظ يبتسم لي ونلتقي فيها يوما على فنجان قهوه
تحياتي وترجع بالسلامه