الوضع السياسى ﻷسرائيل كما يتفق المراقبين "كارثى"..فى حين يتمتع أقتصادها بنمو يفوق ماحققته الصين والهند فى عام ٢٠٠٧..؟؟!!أسرائيل أستطاعت خلق أقتصاد ينمو ويزدهر فى أستجابه مباشره لتصاعد العنف حولها..فلا حرب ٢٠٠٦ ضد حزب الله..ولا أختطاف حماس لغزه ..أديا لهزه فى اﻷقتصاد اﻷسرائيلى كما هو متٌوقع..بالعكس..
السر أن أسرائيل كانت أول أقتصاد متطور يتعلم أهميه الطفره فى أقتصاد اﻷمن ومحاربه اﻷرهاب..وهو ماحدث بعد ذلك بسنوات فى أقتصاديات أوربا الغربيه وأمريكا..
معهد الصادرات اﻷسرائيلى قدر عدد الشركات "الخاصه"المتخصصه فى وسائل محاربه اﻷرهاب والهوم سكيورتى ب٣٥٠ شركه تصدر منتجاتها وخبراتها ﻷنحاء العالم فى ٢٠٠٧ ..
أسرائيل اﻷن تجمع بين المتناقضان أقتصاد مزدهر نامى بمعدلات هائله..وحاله حرب مستمره مع جيرانها..فى تناقض كامل للحكمه التقليديه التى تربط السلام بالنمو اﻷقتصادى..
وهو ماكان الحافز مثلا لشيمون بيريز فى عام ١٩٩٣ أن يطالب بسلام اﻷسواق وليس بسلام السفارات واﻷعلام..
فى نفس العام وفى محاضره ألقاها "دان جيلرمان" رئيس الغرف التجاريه اﻷسرائيليه..دعا أسرائيل لتقديم أى تنازلات مطلوبه للوصول ألى سلام حقيقى مع الجيران العرب لتتحول أسرائيل ألى سنغافورة المنطقه..
ولكن وكرد فعل لعلاج الصدمه الذى هز اﻷتحاد السوفيتى السابق ونتيجه مباشره ﻷنهيار اﻷمبراطوريه السوفيتيه..تدفق حوالى مليون يهودى روسى على أسرائيل فى أكبر حركه هجره شهدتها الدوله العبريه-٥ز٤ مليون أيامها- منذ أنشائها..حوالى ١٨% من تعداد اليهو د فى أسرائيل اﻷن..
وقد أدى ذلك الى..
تصاعد قدره أسرائيل على اﻷستغناء عى العماله الفلسطينيه ..فمن المعروف أن حوالى ١٥٠الف عامل فلسطينى كانوا يعبرون الخط اﻷخضر يوميا للعمل فى أسرائيل فى ظاهره كان الواقعيون من الطرفان يعتبروها تمهيد لتكامل حقيقى بين الجانبان..تدفق العماله الروسيه على أسرائيل أعطاها القدره على أغلاق الحدود بشكل كامل وألستغناء بشكل مستديم عن تلك العماله وقطعها عن مصدر رزقها لتتدهور غزه بالذات ألى بؤره من أفقر بقاع اﻷرض..وبالذات بعد تزايد وتيره الجمات اﻷنتحاريه-اﻷستشهاديه-اﻷرهابيه "كما تحب" وفى توقيت رائع أفاد المجتمع اﻷسرائيلى ورفع عنه حرج العقوبات الجماعيه ..نحن لازلنا فى منتصف التسعينيات..وبالتحديد ٣٠ مارس ١٩٩٣ أول أغلاق تام وكامل للضفه والقطاع بعد عمليه "أستشهاديه باهره" هلل لها العرب..فاكرين النسف المزدوج ﻷتوبيسى ركاب فى تل أبيب
فى الفتره بين ١٩٩٣-٢٠٠٠ تضاعف عدد المستوطنين اﻷسرائيلين فى اﻷرض المحتله وزاد عدد وحجم المستوطنات بنسبه الربع فى أقل تقدير..أعتمادا على المهاجرين الروس..
مثلا مستعمره "آريل" فى الضفه الغربيه..ضاعفت عدد سكانها..وتحتوى اﻷن على جامعه!منتجع سياحى بملاعب جولف..واليوم يافطات المحلات وعلامات المرور بها باللغه العبريه والروسيه نتيجه التوجه مباشره ﻷجتذاب المهاجرين الروس من موسكو نفسها!!فى الفتره من منتصف التسعينيات وحتى بدايه القرن الحالى أكتسحت الشركات اﻷسرائيله عالم الهاى-تك وتحولت ضواحى تل أبيب وحيفا الى ماسمى عندها بوادى السليكون العبرى..وتم أشهار عدد من أكبر الشركات اﻷسرائيليه فى هذا المجال فى بورصه وول ستريت وتدفقت اﻷموال عليها فيما عرف أيامها بفقاعه الدوت-كوم..
مره أخرى لعب المهاجرين الروس اليهود الدور الحاسم فى هذا التطور..
وتحول هذا القطاع الى أهم وأكثر قطاعات اﻷقتصاد اﻷسرائيلى ديناميكيه ممثلا ١٥% من مجمل الناتج القومى اﻷسرائيلى وحوالى نصف قيمه الصادرات السنويه ..فى نفس الوقت ونتيجه مباشره لعمليه أغلاق الحدود مع اﻷراضى المحتله بشكل دائم..تحول ٦٠% من الفلسطينين الى عاطلين عن العمل وتدهور اﻷقتصاد الفلسطينى بنسبه ٣٣% فى عام ١٩٩٦..
وسط تزايد معدل العمليات اﻷنتحاريه-اﻷستشهاديه..
وهنا لابد لى شخصيا من تعليق
رد الفعل العربى على هذه التطورات كان مزريا
على المستوى الرسمى كان مؤتمر قمه بغداد حيث أجتمع مهرجى اﻷمه من ملوك ورؤساء للتشاور..وخرج علينا البهلول اﻷكبر القذافى بتحليله العبقرى..أنهم يجتمعون هنا حتى نقضى عليهم ونريح العالم منهم..وحين أُغلقت اﻷبواب تفرغ الزعماء لهلهله بعضهم العض..وكان غزو الكويت نتيجه مباشره لهذا المؤتمر..
رد فعل "اﻷنتلجينسيا" العربيه لم يكن أفضل..لازلت أذكر مقاله فى الحياه اللندنيه..أدعى صاحبها أن المهاجرات اليهوديات الروس هن من المومسات ولايعملن هناك ألا فى الدعاره..والدليل أنتشار بيوت الدعاره فى أنحاء أسرائيل تحت مسمى أنديه المساج..والجمال!!
!ويبدو أن اﻷفندى كان يتكلم عى شوارع القاهره..بيروت..ودبى التى أنتشرت فيها فعلا مومسات الروس وراقصات النوادى الليليه حتى ضجت منهن بنات
الليل المحليات..وأستدعى اﻷمر تدخل وزير القوى العامله المصريه لفرض تصاريح عمل عليهن..
فى أنصع دليل على اﻷستلقاء خارج
التاريخ
فى عام ٢٠٠٠ أنهارت فقاعه الدوت-كوم كما هو معروف..وأصابت اﻷقتصاد اﻷسرائيلى بأسوء كساد فى تاريخه القصير..السبب الوحيد لمنع أنهيار كامل للأقتصاد كان تدخل الحكومه اﻷسرائيليه وزياده اﻷنفاق العسكرى بنسبه ٧ز١٠% وتم تمويل هذه الزياده بالمعونه اﻷمريكيه وتخفيض برامج الرفاهيه اﻷجتماعيه..كأستجابه مباشره لتعاليم مدرسه شيكاغو فى اﻷقتصاد..ممثله فى وزير الماليه نتنياهو ومحافظ البنك المركزى ستانلى فيشر..
تم ضخ هذه الزياده مباشره فى قطاع الهاى تك..وبالتزامن مع أنتفاضه اﻷقصى..
وتحول المشهد الى مايشبه التدريب العملى على المراقبه والملاحقه الالكترونيه ثم القتل على شاشات التلفاز..وقنوات اﻷخبار العالميه..
وتماهت الحدود بين قوات الدفاع اﻷسرائيليه وشركات الهاى تك والمخابرات بأجهزتها المختلفه..
وثانيه لعب المهاجرين الروس نتاج المجمع الصناعى العسكرى السوفيتى الدور اﻷساسى فى هذا التطور..
وتم أستبدال فقاعه الوت-كوم بمركب جديد للأمن الداخلى العالى الكفاءه..
وحين وقعت الواقعه..
وهدم الشيخ بن لادن وأتباعه برجى التجاره العالمى..كان هذا القطاع هو اﻷكثر أستعدادا لمجابهه هذا الخطر..والباقى عباره عن تداعى منطقى..
أو كما قال أحد كتاب مجله "فوربس"بين عشيه وضحاها تحولت أسرائيل ألى "قاعه عرض ﻷحدث منتجات الحرب ضد اﻷرهاب
الشركات العامله فى مجال اﻷمن الداخلى بفروعه صدرت بماقيمته ٢ز١ مليار دولار فى عام ٢٠٠٦ وصادرات السلاح وصلت ٤ز٣ مليار فى نفس العام مع تفائل بزياده لاتقل عن ٢٠% لعام ٢٠٠٧...!!؟؟!
وأصبح هذا القطاع هو القطاع اﻷكثر حيويه والمهيمن على اﻷقتصاد اﻷسرائيلى ..وأختف أسطوره السلام لشرط مسبق للأنتعاش اﻷقتصادى..
أغسطس ٢٠٠٦ عندما رقص العرب أحتفالا بالنصر اﻷلهى لحزب الله رغم الدمار الشامل للبنان..ووقف اﻷسرائيليون يحاسبون حكومتهم عن التقصير فى حربها زادت البورصه اﻷسرائيليه ٨% فى شهر واحد ووصلت أسعار أسهم شركات السلاح والهاى تك الى السماء..وبالتالى لم تسقط الحكومه..وبشكل ديموقراطى تم أستبدال وزير الدفاع الهاوى بأخر أكثر حنكه وتدريبا أستعدادا للجوله القادمه.
اﻷخطر واﻷكثر ألحاحا اﻷن هو هذا التداخل الحادث بين قطاع اﻷمن اﻷسرائيلى وبين مختلف مستويات المجتمعات الغربيه عموما وأمريكا باﻷخص..الشركات اﻷسرائيليه تعمل بشكل مباشر مع شرطه نيويورك..لوس أنجلوس..قطار أنفاق لندن..مطارات واشنطن..دالاس..هيثرو..ميامى.. أمن ملاعب وأستادات معظم المدن اﻷمريكيه..سواء من خلال كاميرات مراقبه عاليه الدقه..أو تدريب رجال اﻷمن على التعرف على اﻷرهابيين من تصرفاتهم..شركات اﻷمن الخاصه اﻷسرائيليه تحرس الضواحى الراقيه فى أريزونا ونيوأورلينز..الخبراء اﻷسرائيليون هم أول من يصل ألى أى موقع لعمليه أرهابيه من بالى للندن لمدريد..ولو لاتريد التعامل مع شركه أسرائيليه هناك واجهات أمريكيه مثل "انترناشيونال سكيوريتى انستراكتور" المكونه من ضباط مخابرات وحرس حدود أسرائيلين سابقين ومركزها فيرجينيا بالولايات المتحده
الحاصل
واﻷستنتاج المباشر لكل هذا
أسرائيل لاتريد ولاتحتاج ولا ترغب فى السلام مع جيرانها..القطاع القائد واﻷكثر ربحيه وحيويه فى اﻷقتصاد اﻷسرائيلى يدفع لمزيد من المواجهه ويتغذى على الحرب ضد اﻷرهاب التى لاتنتهى..وأستطاع التمترس داخل أهم قطاعات اﻷقتصاد الرأسمالى الحديثه..وتداخل لحد التماهى مع أجهزه أمن وأستخبارات اهم الدول فى العالم..وأصبح له تواجد وأهميه تقريبا فى كل أنحاء العالم ..ليصبح التهديد بحاله حرب حقيقه أو توتر دائم تمتص أى أمل فى التنميه خطر حقيقى وأكثر ألحاحا..
.ويبقى السؤال الخالد..
"مالعمل..؟؟"
بلا أجابه واضحه
.