الكونسير اﻷخير فى المركز القومى للفنون هنا فى أوتاوا..كونشرتو الكمان واﻷوركسترا لتشايكوفسكى
والسيموفونيه التاسعه لشوستاكوفيتش
.قبل بدايه الكونسير أعلنت المذيعه الداخليه أن سوليست الكمان "ميدورى" اﻷمريكيه من أصل يابانى
تعتذر عن مظهرها فقد فقدت حقيبتها فى الرحله من نيويورك لأتاوا وستضطر للعزف فى ملابس السفر..فضحك الحضور وصفقوا..الطريف أن ملابس السفر لم تكن بنطلون جينز وتى شيرت بسيطه ولكن فستان يشبه مريله المدارس وحذاء أسود "زحافى" والعازفه نفسها ضئيله الحجم والوزن..أقل من متر ونصف ووزنها يمكن أربعين كيلو وتمسك بكمان صغير..الموقف كله كاد أن يتحول لكوميديا وكأننا فى حفله بمدرسه أعدادى وطفله خجوله تتهته على الكمان..حتى بدأت العزف..
الكونشيرتو يبدء باﻷوركسترا تمهد بلحن درامى ثم تدخل الكمان لتأكيد اللحن اﻷساسى والحركه اﻷولى هى "أشتباك" بمعنى الكلمه بين الكمان واﻷوركستر الكامل
هنا
وهنا
دايفيد أويستراخ أفضل عازف كمان فى القرن العشرين يعزف الحركه اﻷولى من الكونشيرتو..لاحظ المجهود العضلى والعصبى المطلوب منه فى الحركه اﻷولى وتخيل عازفه ضئيله الحجم تقوم به..كانت تنحنى وتنثنى وتكاد تلامس اﻷرض وتبدو أنها تتألم لحد التمزق لتستطيع ملاحقه نغمات تشايكوفسكى الشيطانيه.. وهى تعزف فى مشهد جميل..طبعا ماحدش يوصل لمستوى سيدنا ومولانا "دافيد اويستراخ" باركه الرب والملائكه..ولكن عزف "ميدورى" كان جميل وهى تبدو كطفله جميله أدخلت السعاده علينا حتى أننا أستدعيناها أربع مرات بالتصفيق..
.............................................................
وجدت هذا التسجيل للقطب اﻷعظم "دافيد أويستراخ" والعارف بالله "يهودى مينوهين" يعزفان سويا كونشيرتو مشترك لباخ..أنا شخصيا أفضل "اويستراخ" عزفه فيه حراره وعاطفه.."مينوهين"ربما يتفوق تكنيكيا
................. ولكن
................................................................................................
العلاقه الملتبسه المتوتره بين فنان عبقرى مثل شوستاكوفيتش ونظام حديدى قمعى كالنظام السوفيتى أيام ستالين كثيرا ماخلبت لبى وجعلتنى أفكر..كيف يمكن لمثل هذا الفنان أن يعيش فى ظل هذا النظام..أعرف أنه تم حرمانه مرتان من العمل؟؟ولكنه أيضا كان عضو فى مجلس السوفيت اﻷعلى..
عام ١٩٤٥ والحرب العالميه على وشك اﻷنتهاء تطلعت اﻷنظار الى شوستاكوفيتش ليخلد أنتصارات الجيش اﻷحمر وشعوب اﻷتحاد السوفيتى ...ألخ ألخ ...فى عمل موسيقى درامى
..وبالذات أنه كان يعد لسيمفونيته التاسعه بكل مايستدعيه هذا الرقم
..التاسعه لبيتهوفن..أكمل عمل موسيقى أبدعه أنسان كما كان يقول عمنا سندباد عصره د.حسين فوزى
..وبالتالى
توقعت بيروقراطيه الجزب الشيوعى من أول الرفيق ستالين ونازل كده.. عمل لايقل دراميه وكمالا من تاسعه بيتهوفن خارج من أعماق البروليتاريا..حامله مشعل التقدم..ألخ ألخ ..وبطيخ وجبنه بيضا
على فكره هذه أول مره أستمع لتلك السيمفونيه..وتعمدت ألا أقرء عنها قبل سماعها..على عكس ماأفعل عادة
.أستمعت عده مرات قبلا للسابعه المسماه "ليننجراد" وهى عمل رائع يتعاطف فيها المؤلف مع معاناه الناس العاديه فى دراما الحرب..ولكن أله الدعايه السوفيتيه أستعملتها ببشاعه ..أستمع للمدخل سيبك من البروباجندا..شوستاكوفيتش فى أحسن أحواله.
ولكنى فعلا
دهشت من التاسعه..عمل بسيط جميل راقص مرح
..ماأعرفش حسيت أن المؤلف بيطلع لسانه للحزب وستالين ودين أم النظام كله
طبعا العمل نفسه جميل لكن غير متناسب أبدا مع المطلوب..أن صح هذا الكلام..الموسيقى موسيقى..وعبقرى مثل شوستاكوفيتش لايٌسأل عما يبدع
أحساسى أن هناك رساله فى السيمفونيه التاسعه جعلنى أقرء عنها ولم أجد أجابه شافيه..اﻷكيد أنها ضد ماهو مطلوب ..
ولكن فنان راقى مثل هذا ..هل يسخر فقط من النظام..أم أن المعاناه اﻷنسانيه فى ملحمه كالحرب العالميه الثانيه تستحق السخريه أيضا..أم هو الوضع اﻷنسانى عموما كما يسميه "أندريه ماللرو" مثلا
..شوستاكوفيتش حتى فى عمل بسيط..قال بسيط قال..نسبيا طبعا ..مثل هذا يستطيع أدخالك فى جو شكسبيرى أن صح التعبير.