Saturday, August 13, 2011

أسباب واقعيه للتفاؤل الموضوعى

ثلاثة أسباب موضوعيه تدعو للتفاؤل..بعيداً عن مجريات الأحداث اليوميه المتسارعه والتى تصيب المتابع يالدوران والأنتقال بين التفاؤل والتشائم فى لحظات..أو كما وصفها صديق "بالضرب فى الخلاط"..والأهم من رصد تلك الحقائق هو القدره على رؤيتها فى تفاعلها وجدليتها..

أولاً التركيبه الديموجرافيه "السكانيه"للمجتمع المصرى حيث تصل نسبة المصريون -الأن-تحت سن الثلاثين إلى أكثر من 50% وهى نسبه عاليه من الشباب. .الأهم أن المجتمع المصرى فيما لايزيد عن عقدين سيصل إلى نقطه فى التحول السكانى تسمى "النافذه الديموجرافيه" وهى عندما تصل نسبة القادرين على العمل إلى أكثر من نصف السكان وهى فرصه تاريخيه لأى مجتمع لتحقيق قفزه أقتصاديه للأمام..المجتمعات الصناعية نشأت تاريخياُ فى تلك اللحظه..من أنجلترا فى ثورتها الصناعيه حتى الهند والبرازيل حالياً..وهى فتره تمتد من 30-40 سنه..الضغوط التى تولدها تلك اللحظه على المجتمع تتساوى مع الفرصه التى تخلقها..الحاجه لفرص عمل وتوليد فائض أقتصادى..أسكان..خدمات تعليم وصحه وبنيه تحتيه..ماحدث فى مصر ولايزال مستمر حتى الأن هو بدايه تلك التحولات الديموغرافيه..ليست صدفه أن معظم الفاعلين فى أنتفاضة يناير هم من الشباب مواليد 1980 ومابعدها

***************

إذا صح ماقاله

Marshall McLuhan..."We drive into the future using only our rearview mirror..."
فنظره سريعه فى المرآه الخلفيه تبرز لنا تجربتين أساسيتان فى تاريخ مصر الحديث لبناء الدوله العصريه..تجربه محمد على وتجربه عبد الناصر..
أوجه التشابه بينهما عديده وأسباب الفشل أيضاً..ويجمعهما على مستوى
أكثر تجريداً أنهما حدثتا فى لحظه تاريخيه محدده ..لحظة أنحسار الأمبراطوريه المهيمنه ودخول أخرى فى منافسه على الشرق الأوسط أو نوع من توازن القوى مما يعطى مساحه أوسع للحركه والمناوره..
********************
وتلك هى الحقيقه الموضوعيه الثانيه
تراجع النفوذ الأمريكى-الأمبراطوريه المهيمنه- فى العالم عموماً وفى الشرق الأوسط بالذات
عدد ديسمبر 2010 من مجلة الأيكومونيست به مقال هام عن نتائج تراجع النفوذ الأمريكى وذلك قبل الربيع العربى..يادوبك كان هناك بعض الأهتمام بأحتجاجات تونس..من أهم تلك النتائج ظهور قوى أقليميه هامه..تركيا وأيران..مثلاً ولكن تقلص النفوذ الأمريكى يٌضعف فى الوقت نفسه من المعتمدين على الغطاء الأمريكى من ديكتاتوريات العرب آل سعود ومبارك "أيامها" حتى أسرائيل..يعنى المتغطى بأمريكا عريان وحتى أشعار آخر..ترى هل يدرك جنرالات المجلس العسكرى تلك الحقيقه..واضح "لا..

ظاهره هامه تميز الأمبراطوريه الأمريكيه..وهى أنها تتحرك بسرعه أو على
Speed Dial
من قوه عظمى فى الأربعينات إلى أحد قطبى العالم إلى القوه الوحيده..وهاهى تتدهور أمام أعيننا فيما لايزيد عن عقدين من الزمان
وبالتالى المساحه الزمنيه المتاحه لنا قصيره..ليست نصف قرن كتجربة محمد على ولاعقدين من الزمان مع تجربة عبد الناصر..ربما سنوات قليله تتميز بحركه سريعه تحتاج أستجابه أسرع

***********************

ضغوط ديموجرافيه من الداخل وفرصه تاريخيه فى المنطقه..السؤال الأن ماهى القوى الأجتماعيه المؤهله لألتقاط تلك الفرصه والتعامل معها بوعى..نظره أخرى فى المرآه الخلفيه ربما تضع أصبعنا على الأجابه..

والنقطه الثالثه
كلاً من تجربتى مصر-محمد على ومصر-ناصر أعتمدتا على الدوله..محمد على الصانع -الزارع-التاجر الوحيد..ورأسماليه الدوله الناصريه..وأنتهت التجربتان بهزيمه عسكريه ثم أحتلال أنجليزى سافر..أو هيمنه أمريكيه لاتقل سفوراً

أهم اسباب الأنهيار الواضح للتجربتان هو ضعف البناء الطيقى للمجتمع المصرى..لم تتقدم طبقه أو تحالف طيقى للدفاع عن "مكتسبات" التجربتان

من 25 يناير وحتى اللحظه تتصدر المشهد الطبقه المتوسطه المصريه..ورغم إشكاليه المصطلح إلا أنها القوى المرشحه لقياده المجتمع فى العقود القادمه..دعوات الديموقراطيه..الدوله المدنيه..المواطنه..تداول السلطه..تقليص تدخل الدوله..سيادة القانون وتقليص النزعه القمعيه للدوله المركزيه.. كلها أدوات لأتاحه الفرصه للفئات الوسطى لتحقيق طموحاتها الأقتصاديه-الأجتماعيه.

المتمثله فى قطاع خاص منتعش وأداره رشيده للدوله والمجتمع

التدخل الصارخ للدوله ورأسماليتها أثبتا فشلاً ذريعاً..وقصور عن حل مشكلات المجتمع المصرى ومايسمى بالقطاع العام كان البوابه الملكيه للديكتاتوريه السياسيه والفساد الأقتصادى..
طاع خاص أقدر على خلق فرص عمل وأقل تكلفه من قطاع عام تكبله بيروقراطيه عاجزه وتنهبه فى الوقت نفسه..وأنتشار قطاع أعمال خاص من الحجم الصغير والمتوسط يخلق طبقات قادره على حمايه مصالحها والبناء الأجتماعى السياسى القائم عليها..وأقدر على تجنب مصير تجربتى محمد على وناصر حتى لوتغيرت الظروف التاريخيه

**********************
أظن أن تلك هى الحقائق الواقعيه الداعيه لتفاؤل موضوعى
أولاً فرصه وضغوط ديموجرافيه
ثانياً ظرف تاريخى ملائم
ثالثاً تحالف طبقى تتصدره الفئات الوسطى قادر على الأستجابه ولديها مشروع مرن للتقدم

حقائق لاتعنى تحقيق الحلم بشكل ميكانيكى..هناك عامل الوعى..القدره على الحركه..والحسم فى لحظه قادمه
ضد قوى تسعى بقصر نظر لأعادة توليد نظام أنتهى..أو خلق نظام ظلامى خارج من أحشاء القرون الوسطى
الفشل فى إنتهاز تلك الفرصه التاريخيه ستكون عواقبه وخيمه
**********

كنت أناقش صديق عزيز فى تلك الأفكار فسألنى متى نعرف أن كنا على الطريق الصحيح أم لا..
قلت له
حين نجلس ونناقش نتائج أنتخابات البرلمان والرئاسه بعد القادمه..تانى بعد القادمه.
ربنا يدينا طولة العمر

.بشرط استمرار التجربه الديموقراطيه